(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ)، أي اعتزلتموهم واعتزلتم عبادتهم، بل إن اعتزالكم عبادتهم هو السبب الجوهري، والباعث على اعتزالهم فإيمانكم قدمتموه على القرابة والقومية، وقوله:(إِلَّا اللَّهَ)، قال الزمخشري: استثناء متصل؛ لأنهم كانوا يعبدون اللَّه وغيره، فالاعتزال كان لعبادتهم غير اللَّه، ويحتمل عنده أن يكون الاستثناء منقطعا، وعندي أن خيرا من هذا ما قاله قتادة أن (إِلَّا) بمعنى (غير)، من غير تقحم في المتصل أو المنقطع، ومن غير ادعاء لا دليل عليه، وهو أنهم كانوا يعبدون مع اللَّه غيره، فإن ذلك يحتاج إلى سند تاريخي، كما هو ثابت عند العرب.
وقوله تعالى:(يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِن رَّحْمَتِهِ)، مجزوم بجواب الأمر، أي إن تأووا إلى الكهف فلا تخافوا جوعا ولا عطشا ولا عريا، فإن اللَّه واسع الرحمة، يبسط لكم من رحمته وينشرها عليكم، وشبه في هذه الرحمة السالفة بالثوب المبسوط، التي ينشر عليكم فيعمكم ويحفظكم ويستركم، ويقول تعالى:(لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ)، أي ينشره لأجلكم وهو من رحمته التي وسعت كل شيء.