للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَسَيَقولُون من يُعِيدُنَا. . . (٥١)

إلى آخر الآية الكريمة.

وقد بين اللَّه تعالى ما يثير استغرابهم فقال سبحانه: (فَسَيَقُولُونَ) الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر، أي إذا كنا حجارة أو حديدا. . . فقد أمر اللَّه تعالى نبيه أن يقول لهم: (قلِ الَّذِي فَطَرَكُم أَوَلَ مَرَّةٍ)، أي الذي أنشأكم النشأة الأولى وهي الفطرة أول مرة، وإذا كان أنشأ هذا الإنسان الأول فهو على الإعادة أقدر، كما جاء في سورة " يس " (. . . قَالَ مَن يُحْصيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ق ل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مرَّةٍ. . .) وبعد أن رد عليهم ذلك الرد المقنع لمن يتدرن قلبه بالشرك ويتعصب له ويعاند فيه، فإنهم يستمرون في عجبهم واستغرابهم، ولذا قال اللَّه تعالى عنهم: (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ) ويقولون في تحد جاهل (مَتَى هُوَ).

والإنغاض تحرك الرأس من أعلى إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى استغرابا وتعجبا فما زادهم الدليل إلا إيغالا في الاستغراب وما زادهم الحق إلا ضلالا، والفاء في (فَسَيُنْغِضُونَ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي ترتب على بيان الحق أن استهزءوا وتهكموا، وهؤلاء لَا يجدي معهم الدليل ولا يزيدهم إلا خسارا، ويقولون متحدين: (مَتَى هُوَ)، أي متى يكون أي يستعجلون تحديا وإمعانا في الكفر، فأمر اللَّه تعالى نبيه: (قُلْ عَسَى أَن يَكونَ قَرِيبًا)، أي أنه يرجى أن يكون قريبا.

ونرى في هذه الآيات وما قبلها يأمر اللَّه تعالى نبيه أن يتولى المجاوبة معهم؛ لأنه الداعي إلى الحق المبلِّغ عن اللَّه تعالى الهادي المرشد.

وقد بين اللَّه تعالى ذلك اليوم فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>