للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (٤٦)

فرعون في عصره كان طاغية الدنيا، وكان المصريون قد استسلموا له وكان ملؤه حكام مصر يحكمون بطغيانه، ويسولون له كل ما يفعل، ويسوغون له ما به يعلو ويسرف، وباسمه عتوا عن أمر العقل والمنطق والحق، بعث الله تعالى موسى وهارون إلى هؤلاء وكل يعتز بعزة فرعون، وكانوا يستفتحون بعزته، فكانوا من منطق الوقائع، لَا من منطق الحق والعقل مستكبرين؛ ولذا رتب على حالهم أنهم مستكبرون فقال: (فَاسْتَكْبَرُوا)، و (الفاء) فاء السببية، أي بسبب هذه الطغواء استكبروا وكانوا قوما عالين، أي مرتفعين عن الناس، لَا في ذات أنفسهم، بل بحكم واقع الحكم والأمور التي تسير سيرا مطردا، وهم يعلون في أنفسهم ادعاء وغلوا وطغيانا لَا يستمعون إلى الحق، ولا يصغون إلى داعية، يغالون في رده، ولقد قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)، وقد ذكر اللَّه تعالى مضمون ردهم، فكان كرد غيرهم، وهو استبعاد أن يكون الرسول مثلهم، وقد تواضعوا في ذكر هذه المثلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>