للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَمْنًا) فهو مصدر موصوف به البيت فهو أمن للناس يأمنون فيه من القتل أو الاعتداء، حتى إن الرجل ليلقى فيه قاتل أبيه أو أخيه فلا يمتد إليه، وحرم فيه القتل والقتال، وكان محترما في الجملة من العرب أيام شركهم، وذلك من هداية الله تعالى لهم بالأخذ بأثارة من بقايا ملة إبراهيم.

ولقد قال الله تعالى في هذا البيت؛ (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧).

وقوله تعالى: (مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا) فيه إشارة أولا إلى أن الكعبة مثابة للناس، يجيئون إليها في حجهم، كما صرح سبحانه وتعالى، وفيها قبلتهم إذ يثوبون إليها في الصلاة ويلتفون حولها التفاف الدائرة حول قطبها، فهم يتجهون إليها من كل أرض الله تعالى.

وإن باني الكعبة المكرمة إبراهيم عليه السلام هو وابنه إسماعيل عليه السلام، وإنه ليبقى الاتصال بين الحاضر والماضي أمر الله تعالى أن يكون مقام إبراهيم للبناء مصلى لمن جاء بعده من الذين سماهم إبراهيم المسلمين، وهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذا قال الله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) قرئ بالطلب بكسر الخاء، وقرئ بالفتح على أنها خبر، وفي الحالين هي معطوفة على (جَعَلْنَا) فعلى قراءة فتح الخاء يكون المعنى جعلناه للناس مثابة وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، وعلى قراءة

<<  <  ج: ص:  >  >>