قال الله تعالى مخاطبا نبيه وكليمه:(قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) السؤل بمعنى المسئول، كالخبز بمعنى المخبوز، والأكُل بمعنى المأكول، و (أُوتِيتَ) معناه أعطيته، وصار بين يدك ما طلبت، وذلك في نظرنا أبلغ من أُجِبْت؟ لأن الإجابة قد تكون بالقول، ويتحقق مدلولها بعد، إذ الإجابة لَا تقتضي التحقق، بل إنها ربما تكون بينها وبين التحقيق زمن، والمجيب ليس بمخلفه، وإنه بندائه سبحانه بالاسم تقريب وإدناء، وإلقاء بالمودة التي لم يحرم منها كليم الله طول حياته، ولئلا يقصى عليه أمر بني إسرائيل أمده الله تعالى بكل أسباب الصلاح، ولكنهم كانوا قد مردوا على الذل، ومرضت قلوبهم بالنفاق كما رباهم فرعون على الخنوع الذليل، ولم يجد فيهم من يجيئهم بالرشاد والموعظة الحسنة والولاية الهادية الرشيدة.