(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) الواو هنا في معنى الواو العاطفة، إذ هي عطفت حكما مقررا لازما، وهو قطع أيدي السارقين، على جزاء المحاربين، وكان ما بينهما من طلب المؤمنين بالتقوى وطلب القربى إلى الله تعالى في معنى الجملة المعترضة بين معطوف ومعطوف عليه، ولها معناها السامي، وهو بيان العلاج النفسي التهذيبي بجوار العلاج المادي الجزائي.
والمعنى فرض عليكم، فيما فرض، حكم السارق والسارقة، كما فرض عليكم من قبل حكم الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك الحكم بقوله تعالت كلماته:(فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا). والفاء هنا للربط بين الكلام، وهي في معنى بيان السببية الرابطة بين الجريمة والعقوبة، فهي تبين أن سبب قطع الأيدي هو السرقة وكونهم قد اتصفوا بها، وكان ثمة تجانس بين الجريمة والعقوبة فاليد التي امتدت بالأخذ سرقة هي التي تصير موضعا للعقاب، وهو القطع.
وقد بين سبحانه وتعالى الباعث على ذلك العقاب، كما ذكر السبب، فالسبب المباشر هو السرقة، والحكمة أو الوصف المناسب هو ما اشتمل عليه قوله تعالى:(جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ) أي أن ذلك العقاب هو كفاء لما كسبا من فعل شيء له آثار سيئة، وإن ذلك العقاب نكال أي زجر من الله تعالى لمنع هذه الجريمة وتقييد الأيدي، حتى لَا ترتكبها.
وظاهر الأمر أن قطع اليد لَا يمكن أن يكون كفاء لليد المقطوعة، ولكن عند النظر الدقيق يتبين أن المقابله ليست بين ذات القدار المسروف، وبين اليد