هذا مظهر حسي لقدرة الله تعالى في هذا الكون. تولج معناها تُدخل، أي تدخل الليل في النهار وتدخل النهار في الليل. " وقد فسر بعض العلماء دخول الليل في النهار بزيادة الليل حتى يصل إلى أقصى الزيادة، وفي هذا الوقت ينقص النهار حتى يصل إلى أقصى النقصان، وكذلك دخول النهار في الليل فمعناه أن يأخذ النهار جزءا من معدل النسبة بينهما وهو تساويهما، فيدخل النهار في الليل. وفقد فسر الزمخشري مع كثير من المفسرين دخول الليل في النهار ودخول النهار في الليل بالتعاقب بينهما بأن يكون الوقت نهارا ثم يصير ليلا، ويكون ليلا ثم يصير نهارا، ولكن كيف نسمى ذلك التعاقب دخولا لليل في النهار، ودخولا للنهار في الليل؟ والجواب عن ذلك: أن الليل لَا ينقلب نهارا دفعة واحدة، بل إنه يدخل النهار في الليل شيئا فشيئا، فيبتدئ النور يدخل في الظلمة شيئا فشيئا، يبتدئ الفجر الكاذب فالصادق، فتنفس الصبح لحظة بعد لحظة، والنور يغزو الظلمة حتى تنجاب غياهبها، فيكون الضوء الساطع؛ وكذلك لَا يجيء الليل دفعة واحدة، بل يبتدئ الضوء يضعف من الأصيل حتى تجيء الغروب، ثم تجيء العشية، فيكون ظلام وتُمحى آية النهار.
وإن توجيه الأنظار إلى دخول الليل في النهار، ودخول النهار في الليل، سواء أكان بالمعنى الأول أم كان بالمعنى الثاني، فيه توجيه الأذهان إلى عظمة الكون وكمال سلطانه سبحانه وتعالى فيه، فما كان تعاقب الليل والنهار وتداخلهما إلا ظاهرة لدوران الأرض حول الشمس، وحركة الفلك الدوار المستمرة الدائبة بقدرة