الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمر من ربه والضمير في (نَزَّلَهُ) للقرآن المذكور آنفا في قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، و (نَزَّلَهُ) مصدره التنزيل، وهو الإنزال المتدرج على حسب المناسبات، وليتمكن الذين يكتيون من كتابته، وهم أميون، لَا يستطيعون الكتابة الطويلة، وليحفظوه فيسجل في الصدور بدل السطور فيصعب بل لا يمكن تحريفه، وقد تواتر جيلا بعد جيل، و (رُوحُ الْقُدُسِ) وهو الروح الطاهر، وهو جبريل - صلى الله عليه وسلم -، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، كقولهم حاتم الجود، وعليٌّ البيان، ونحو ذلك، وهذا مبالغة من اللَّه في وصفه بالطهر والصدق، وأنه رسول من اللَّه صادق أمين وهو الذي نزل بالقرآن على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى:(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤).
وقد ذكر سبحانه أن غاية نزوله أن يزيد الذين آمنوا تثبيتا على الحق، ولذلك قال تعالى:(لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) التثبيت زيادة ما يكون ثابتا قوة وثباتا، (الَّذِينَ آمَنُوا) الذين يدركون الحق بمداركهم الفطرية، ويتجهون إليه اتجاها مستقيما،، فيدركونه بمواهبهم، والشرائع السماوية تثبت الحق في قلوبهم، (وَهُدًى وَبُشْرَى)، أي أنه ذاته هدى، وهذا