للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تأكيد لمعنى أنه يهدي، فهو يهدي إلى الخق وإلى صراط مستقيم، وكأنه الهداية ذاتها (وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)، أي هو بشرى للذين يسلمون وجوههم للَّه تعالى، ويخلصون للحق من غير مراء ولا جدال.

وهنا إشارات بيانية نشير إليها، فإنها تبين معاني التنزيل:

الإشارة الأولى - قوله تعالى: (مِن رَّبِّكَ)، أي من الخالق البارئ الذي ربك ورباك، وربَّى الوجود كله، وهو الحي القيوم.

الإشارة الثانية - في قوله تعالى: (بِالْحَقِّ)، أي متلبسا بالحق، فهو الحق، وما جاء به هو الحق من عند اللَّه، وكان في ذاته لَا يمكن أن تتمادى فيه العقول المستقيمة، فهو في ذاته حق، كما هو في ذاته هداية.

الإشارة الثالثة - الإشارة إلى أنه نازل من عند اللَّه تعالى، ونزل به أمين طهور صادق.

ولقد راعهم ما اشتمل عليه من قصص صادق للنبيين، وعظات مرشدة هادية، وتوجيه إلى الكون، وما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق ونهيه عن ملائم الضلال، وأمره بالوفاء بالعهد، وغير ذلك.

راعهم ذلك، وبدل أن يذعنوا للحق إذ جاءهم ماروا فيه، فإن المبطل المماري لا تزيده الحجة إلا عنتا وإمعانا في الضلال؛ لذلك كذبوا وافتروا، وادعوا أمرًا غير معقول، فزادوا بعدا عن الحق، وزادوا ضلالا؛ ولذا قال عنهم، إذ رأوا القرآن واسترعاهم.

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ... (١٠٣)

تحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا، ولكن لم يقولوا إنه من عند اللَّه، بل بالغوا في الكذب، وأوغلوا في الكفر، ولقد أكد اللَّه تعالى قولهم هذا لأن غرابته تسوغ تكذيبه بادئ ذي بدء، ولذا أكد علمه سبحانه بـ (اللام) وبـ (قد)، وتأكيدًا للمعلوم، والتأكيد حيث مظنة عدم التصديق.

<<  <  ج: ص:  >  >>