للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكمْ رَسُولُنَا يبَيِّنُ لَكمْ كَتِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفونَ مِنَ الْكِتَابِ) الخطاب لليهود والنصارى الذين نسوا في الماضي حظا مما ذكروا به وحرفوا في الماضي الكلم عن مواضعه، والذين طردوا أسلافهم من طريق الحق لنقضهم الميثاق، وقست قلوب الماضين منهم. . وقد انتقل البيان القرآني من الكلام عن ماضيهم إلى مخاطبة الحاضرين الذين يجري في أوساطهم ما كان يجري في أوساط الذين تقدموهم، فالالتفات من الكلام عن الغائب إلى مخاطبة الحاضر، لأن البيان للحاضرين والتكليف القائم للقائمين، وإن كان يجري في أوساطهم ما كان يجري في أوساط ماضيهم، ولكن لَا بد من أنه يجهر بالحق في أوساطهم، فهم مخاطبون بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وقد أفرد الكتاب، والنصارى واليهود لهم كتب وأسفار لَا كتاب واحد، وكان الإفراد لأحد أمرين أو لهما معا - أول الأمرين - أن الكتاب يطلق ويراد به الجمع، لأن (أل) هنا للجنس، كما يقال: السوق، أو: أهل العلم، ويراد العلوم.

وثاني الأمرين: أن العرب كانوا قسمين: أُميين لَا يقرءون، أو ليست الكتابه رائجة عندهم، وأهل كتابة وعلم بالكتاب، ومن ذلك قوله تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥). فالأميون هنا العرب الذين لم تكن الكتابة والقراءة كثيرة عندهم.

وعلى ذلك تكون كلمة " أهل الكتاب " ليست مقابلة فقط للمشركين وعبدة الأوثان، بل هي مقابلة للأميين.

وأهل الكتاب الذين صاحبهم الكتاب وكانوا له كالأهل الذين يرتبطون فيه. وفى نداء اليهود والنصارى فائدتان:

<<  <  ج: ص:  >  >>