للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)

* * *

النبأ هو الخبر العظيم الذي يكون ذا فائدة، وله واقع مصدق يفيد علما يقينيا، أو علما ظنيا، ولذلك بقال عن الأخبار المتواترة أنها أنباء، ومن ذلك قوله تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نوحِيهَا إِلَيْكَ. . .)، ومستقر هي مصدر مسمى بمعنى استقر، أو اسم زمان بمعنى زمان يستقر.

ومعنى الاستقرار مأخوذ من القرار بمعنى الثبوت والتحقق والوجود، فالمؤدى اللفظي للنص الكريم لكل خبر عظيم، بالإنذار أو التبشير؛ زمان يكون فيه، ويتحقق مضمونه، والمؤدى العام؛ أن أولئك الذين كذبوا بالحق لما جاءهم، قد جاءتهم الأنباء بالنذر، وجاءت المؤمنين الأنباء بما سيجدون من نعيم مقيم، وجنات عدن خالدين فيها، وإنه نبأ في الدنيا، أو في الحاضر، وتحققه ومستقره في القابل، وستجدون حقيقته ثابتة معلومة علم اليقين بالمشاهدة المحسوسة، وكذلك قال تعالى: (وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أي من المؤكد، أنكم ستعلمونه علم اليقين والاستقرار والوجود.

وقد يرد سؤال؛ أليس في ذكر القرآن الكريم وإنذار النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فيه العلم اليقيني أو ما من شأنه تكوين العلم اليقيني؛ فلا علم أعلى منه، كما قال تعالى بعد هذه البينات: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ. . .)؟ والجواب عن ذلك أن العلم الذي قامت أسبابه بإنذار الله تعالى الصادق صدقا لَا يرتاب فيه عاقل هو علم الإخبار، أما العلم الذي يكون عند نزول العذاب، فهو علم المعاينة والمشاهدة، والنزول بهم، حيث لَا مجال للمراء، ولا للمباهتة والتكذيب. وقوله تعالى: (لِّكلِّ نَبَأٍ مُّسْتَقَرٌّ) أهي منِ قول النبي - عليه الصلاة والسلام - المأمور به في قوله تعالى: (قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوكِيلٍ) ظاهر السياق أنها من مقول

<<  <  ج: ص:  >  >>