للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦)

وفي هذا تأكيد أنه من عند اللَّه تعالى، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَا يبدله من تلقاء نفسه وإنما الذي يبدله هو اللَّه تعالى كقوله: (قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُم بِهِ) مفعول المشيئة محذوف دل عليه ما بعده - أي لو شاء اللَّه تعالى ألا أتلوه ما تلوته، وذكر قوله تعالى: (عَلَيْكُمْ) للإشارة إلى أنهم المقصودون بالتلاوة ليدركوا مغزاها وما فيها من إعجاز وتكليف، ثم قال تعالى: (وَلا أَدْرَاكُم) أدراكم أفعَلَ من (دَرى) بمعنى علم، أي: ولا أعلمكم به، ولكنه اختار تلك الحجة لكم لبلاغة كلامها الذي يبقى مسجلا تتلقاه الأجيال جيلا بعد جيل إلى يوم الدين، فالمعجزات الحسية واقعات تنتهي بانتهاء زمانها، أما هذا الكتاب فباق إلى يوم القيامة، لأنه معجزة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: " ما من نبي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر وإن ما أوتيته وحيا أُوحي إليَّ وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " (١).

(وَلا أَدْرَاكُم) قرأه ابن كثير بلام التوكيد وليس بلا النافية، فيكون المعنى ولو شاء لأعلمكم به وجعلكم تؤمنون بصدقه، والواو عاطفة على نية تكرار الفاعل.


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>