للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا).

النكال المنع والزجر، والنكل القيد، والأنكال القيود، لأنها تمنع.

والفاء للإفصاح، كما ذكرنا في غير ذلك الموضع، والضمير في قوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا ... (٦٦)

يعود إلى العقوبة أي جعلنا هذه العقوبة التي كان من

مقتضاها أن يفقدوا معاني السمو الإنساني، والارتفاع عن حضيض الحيوانية الأوهد، وقيل: إنها تعود على القرية التي كان فيها ذلك الاعتداء؛ لأنها حاضرة في الذهن ومشار إليها بذكر الذين اعتدوا منكم في السبت، أي والقرية التي كان فيها الاعتداء، فهي إن طويت في البيان ملاحظة في المعنى، وهكذا يفسر القرآن بعضه بعضا، وما يطوى في مكان يصرح به في مكان آخر، تعالت كلمات الله تعالى.

وقد أنزل سبحانه وتعالى بسبب هذه الشهوات الجامحة الخارجة عن مقتضى الطبع الإنساني عذابا شديدا من الذل بعد العزة، ومن الضيق بعد السعة، ومن الشدة بعد الرخاء ما جعلها عبرة لمن بين يدي الحاضرين، ومن يجيء بعدها من الناس، وعبر سبحانه وتعالى عن الحاضرين بقوله تعالى: (لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا) كناية عن وجودها معهم، وأنها على مقربة منهم، قرب ما بين اليدين من الصدر، والذين تحوطهم ويحوطونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>