للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦)

وقد بين اللَّه تعالى لنبيه أنه في سبيل التبليغ لَا يدفع السيئة بسيئة مئلها، بل يأخذهم بالصفح، والتجاوز عن الإساءة في سبيل دعوة الحق والإيمان، فقال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) السيئة مفعول، (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، أي الحال التي تكون أحسن الردود ردا مدنيا مقربا، وليس جافيا مبعدا، والتعبير بـ أفعل التفضيل معناه أن يتخير خير ما يدفع به سفه القول، وحمق الفعال من سخرية واستهزاء وتهكم بدعوته، وبالذين معه من ذكرهم بالسوء وإيذائهم وتعذيبهم، ورد الإساءة بالأمر الحسن فضيلة ذوي السلام من الرجال الصابرين، وقوله تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفونَ)، أي نحن نعلم علما ليس فوقه علم بالأوصاف التي يصفونك بها أنت وأصحابك، فلا تأخذك هذه الأوصاف إلى أن تعاملهم بمثلها، إنك جئت هاديا داعيا إلى الحق ومرشدا، وما جئت مجافيا ولا معاديا، وبالرفق تدنيهم وبالجفوة والغلظة تقصيهم، فألفهم، ولا تخاصمهم، وأحمق الدعاة من يوجد خصومة بينه وبين من يدعوهم، فتثور أعصابهم لتقاوم دعوته، وقد بين سبحانه أن مغاضبة من يدعوهم من همزات الشياطين، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>