للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... (١٢٤)

* * *

وهنا يذكر سبحانه وتعالى جزاء الذين يعملون عملا صالحا، فيعينه، ولا يتركه مجملا، فقد ذكر في الآية السابقة، جزاء الشر به ولم يبينه، ولكنه ذكر أنه على قدر العمل من غير أن يبين صنف الجزاء. والعبرة في ذلك هو المساواة بين الجزاء والعمل، وأنه بهذا لَا يظلم لأن الجزاء على قدر العمل، فالجريمة والعقاب متساويان.

وهنا ملاحظتان، إحداهما أن الله تعالى يقول: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ) أي أنه يعمل بعض الصالحات؛ وذلك لأن الإنسان لَا يستطيع أن يعمل كل الصالحات، بل يستطيع أن يعمل بعضها؛ لأن طاقته النفسية والبدنية لَا تمكِّنه من عمل كل الخير، وكل يعمل على قدر طاقته من غير تقصير، والله تعالى يغفر القصور، وفي ذلك إشارة إلى أن الإنسان يطلب من العبادة ما يطيق من غير شُقَّة ولذلك لم يطالب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأقصى الغاية من العبادة، بل قال: " سددوا وقاربوا " (١).

والملاحظة الثانية: أنه ذكر الأنثى في قوله تعالى:

(مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى) و (من) هنا بيانية، فهي بيان لمن في قوله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ) والأحكام الشرعية كلها تشمل النساء والرجال، إلا ما يقوم الدليل فيه على أن أحد الصنفين مختص بحكم؛ لأنه يكون ملائما لطبيعته، وإن ذكر الإناث


(١) جزء من حديث متفق عليه، وقد سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>