للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فى الأحكام العامة فيه إشعار بكمال الإنسانية في المرأة، وأن لها حقوقا، وعليها واجبات اقتضاها التكليف فما من عبادة إلا طولبت بها المرأة كما طولب بها الرجل، وإن كان للرجل اختصاص في بعض العبادات كالجهاد، وسبب ذلك الرجولة ذاتها. والإعفاء من واجب شاق لَا يعد حرمانا، وفي الحق إن المرأة تقوم بواجبات شاقة تنفرد بها أيضا، كالحمل والولادة، والقيام على شئون الأولاد في المهد.

وقد اشترط لاستحقاق الأعمال الصالحة أن يكون من يعملها متصفا بالإيمان، فإن الجزاء من الله تعالى ويجب أن يكون العمل قد قصد به وجهه وحده. فالثواب ليس على مجرد العمل، بل على النية فيه، وقصد الخير، وذلك لا يكون إلا إذا قصد به وجه الله تعالى.

وقد أكد سبحانه وتعالى الجزاء بقوله:

(وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) أي لَا ينقصون من عملهم الصالح شيئا، ولو كان شيئا صغيرا بقدر النقير، وهو العلامة التي تكون في ظهر النواة، فتظهر كثقب صغير، وتسمى نُقْرة كأنها حصلت بمنقار طائر صغير، ويضرب العرب بها المثل في القلَّة.

وإن مثل هذا الجزاء لَا يستحقه العبد إلا بفضل من الله تعالى بدليل أنه يقبل بعض الصالحات ويدخل الجنة عليها، ولا ينقص شيئا فهو يفيض بالثواب، ولا ينقص من عمل الخير.

وقد تساءل الزمخشري لماذا ذكر عدم الظلم ولم يذكره في عمل السوء؟ وأجاب عن ذلك بأن عدم الظلم ملاحظ هناك بذكره هنا. وفي الحق إن عدم الظلم ملاحظ هناك من النص ذاته، فقد ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى قال: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) وهذا فيه النص على أن الجزاء بقدر العمل، ومؤدى هذا ألا يظلم، وكان الجزاء عمل الغير أكثر منه من أن ينقصوا، أما في

<<  <  ج: ص:  >  >>