للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)

(تَابَ) عما يرتكب من كبائر وهفوات، فالتوبة ضراعة إلى الله، ورجوع إليه، وهي ذاتها عبادة، وإن الله يقبل التوبة من عباده، والتوبة تجبّ ما قبلها من معاصٍ، كما أن الإيمان يجبُّ الكفر، و (آمَنَ) معناها ملأ الإيمان بجلال قلبه، بأن قرن توبته بإِذعان مطلق لله تعالى، وكان عمله كقلبه، ولذا قال: (وَعَمِلَ صَالِحًا) بأن قام بالعبادة مخلصا محتسبا، وعمل النافع للناس، وكان يحب الشيء لَا يحبه إلا لله.

(ثُمَّ اهْتَدَى) الاهتداء أن يعلو إلى درجة المهتدين الذين يخلصون عن الداني في عقولهم ونفوسهم، ويكونون ربانيين لَا يعرفون إلا ربهم، ويطرحون كل أمور الحياة وراء ظهورهم إلا أن يكون خيرا أمرهم به، وإن الوصول إلى هذه الدرجة وصول إلى مرتقى عالٍ، ولذا كان العطف بـ " ثم " التي تدل على البُعد، وهذا كقوِله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>