للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا) لبيان أن النفاق حدث جديد، قد وجد في صفوف المؤمنين، ولم يكن قبل بدر الكبرى، فالقوة في بدر قد أوجدته، والتجربة القاسية في أحد قد كشفته.

ولقد قال سبحانه وتعالى في مظاهر المنافقين، وأوصافهم، وأحوالهم، وإعراضهم عن الجماعة في الشدة:

(وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ) هذه الجملة السامية فيها بيان حال أولئك المنافقين، وعدم مجاوبتهم نفسيا مع المؤمنين، وقد أشار سبحانه بهذا إلى أنهم كانوا معوِّقين (١) في ابتداء القتال، قيل لهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن الذين يعاشرونهم ويجاورونهم، ومن أهليهم وعشيرتهم: تعالوا، أي تساموا بأنفسكم وارتفعوا لتقاتلوا في سبيل الله تعالى مجاهدين مبتغين مرضاته بالدفاع عن الحق، فإن لم تسمُ نفوسكم إلى حد القتال طلبا لمرضاة الله، فلتقاتلوا دفاعا عن الوطن والعشيرة، فالمعنى: قاتلوا لرضا الله، أو ادفعوا عن أنفسكم عار الذل وعار سيطرة قريش عليكم إن لم تقاتلوا، وقيل إن معنى ادفعوا أن يكثروا سواد المسلمين، فيلقي ذلك الرعب في قلوب الأعداء فيعرفوهم بهذا التكثير، وعن سهل بن سعد الساعدي وقد كف بصره قال: لو أمكنني لبعت داري ولحقت بثغر من ثغور المسلمين، فكنت بينهم وبين عدوهم، قيل: كيف وقد كف بصرك؟ قال: لقوله تعالى: (أَوِ ادْفَعُوا) وعبر بالمجهول في قوله تعالى: (وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا) للإشارة إلى كثرة القائلين فقيل لهم من النبي، ومن الأصحاب، ومن أهلهم وعشيرتهم المؤمنين، ولكنهم امتنعوا لامتلاء قلوبهم بالنفاق. (قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ).


(١) أي مثبطين، قال تعالى: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>