للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)

* * *

صدَّر النداء هنا بـ " أهل الكتاب " زيادة في التوبيخ، وكل توبيخ لهم يُعد قليلا مهما يتكاثر وتترادف عباراته، والاستفهام هنا إنكاري لإنكار ما وقع منهم؛ ذلك بأنهم لبسوا وخلطوا الحق بالباطل، وكتموا الحق الذي يشهد لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالصدق وهم يعلمون به، فكان الاستفهام للتوبيخ على هذا الذي وقع منهم؛ فقد وقع منهم أمران، وثبت فيهم أمر ثالث:

أما الأمر الأول: فهو خلط الحق بالباطل، بأن حاولوا أن يزيفوا الحق، فألبسوه ثوب الباطل، وأظهروه بمظهره إمعانا منهم في التضليل. وقد فسر الكثيرون كلمة " تلبسون " بمعنى تخلطون، وهي في المؤدى كذلك، ولكن لابد أن يلاحظ معنى الستر واللباس في الكلمة، ذلك بأنهم جاءوا إلى الحق المبين فألبسوه ثوب الباطل ليُسْتَبْهَم؛ ولقد قال في هذا المعنى الأصفهاني: أصل اللبس ستر الشيء، ويقال ذلك في المعاني، يقال لبست عليه أمره، قال: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبسُونَ)، وقال: (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>