النهي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه عن الصلاة فيه، وعبر عن الصلاة بالقيام، لأن أداء الصلاة على وجهها إقامة، ويطلق القيام على الصلاة، كقولهم يصوم النهار ويقوم الليل، أي يقوم الليل متهجدا مصليا، والنهي عن الصلاة فيه أكده الله تعالى بقوله:(أَبَدًا)، أي في كل الأحوال، النهي يفيد عموم الأحوال فلا يكون هناك مسوغ للصلاة فيه.
ولعل ذلك هو الذي جعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يهدمه ثم يحرقه، ويجعل موضعه كناسة تلقى فيه القمامة، إن الصلاة فيه تحقق فيها بعض أغراضهم، وهي المضارة لغيره من المساجد، والتفريق بين المؤمنين ووازن سبحانه بينه وبين مسجد غيره، فقال تعالى:
(لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) اللام لام الابتداء وهي تفيد التأكيد، (أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) أي وضعت أسسه على التقوى، أي أنه قام على التقوى، والوقاية من غضب الله واتقاء عذابه، وهذا مجاز لإثبات أنه قام على نية طيبة يتقي بها سوء العذاب، ويرضي الله تعالى، وإذا كانت الصلاة عبادة في كل دين، فيجب أن تؤدى في مكان قام على تقوى رب العالمين من أول يوم، أي من أول يوم كان بعد الهجرة، فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عندما هاجر، وانتهى إلى ما يصاقب المدينة فنزل بقباء وأنشأ المسجد فيها، وقد وصل يوم