للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)

" أو " هنا عاطفة على قوله تعالى: (أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) ومقتضى السياق أن يكون المعنى كراهية، إن تقولوا إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا وكنا ذرية من بعدهم.

والمعنى أخذ عليكم الإقرار، وأنتم ذرية ليتبين أن فطرتكم تناديكم بالإيمان فلا تعتذروا بأن آباءكم كانوا مشركين، وأنتم اتبعتموهم، فإن أوخذتم فإنما تؤاخذون بشركهم، ولكن أخذ عليكم من قبلهم بالإيمان، فأنتم مسئولون عن عهدكم الذي عاهدتم الله تعالى عليه أولا، لَا عن تقليدكم لآباكم، وإنه لَا يصح هذا التقليد وفيكم فطرة الإيمان، أتتبعون آباءكم ولو خالفوا الفطرة التي شهدوا فيها بأن الله وحده هو المعبود بحق هو أنكم بمقتضى الفطرة مؤمنون فلم تتبعون آباءكم في كل حال، ولو كانوا لَا يعقلون شيئا ولا يهتدون، وخالفوا سنة الفطرة. فإن خالفوها، فإن ذلك لَا يخليكم من الإقرار الذي أخذ عليكم.

وقوله تعالى: (إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكنَّا ذُرِّيَّةً مِّنْ بَعْدِهِمْ) فيها ما يوهم أن شركهم بهان بالوراثة، وأنهم لهم تبع، فكما ورثوهم في أجسامهم ونسبهم، فقد ورثوهم في اعتقادهم.

ولذا قال الله تعالى عنهم: (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، وهي مؤخرة عن تقديم لأن الاستفهام له الصدارة، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>