للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ... (١٤١)

* * *

التربص الانتظار، فيقال تربص بمعنى انتظر، ويقال تربص به إذا انتفره مراقبا له، ففي قوله: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَربَّصْنَ بِأنفسِهِنَّ ثَلاثَةَ فرُوءٍ)، يراد التربص مع مراقبة النفس، وملاحظة حال الحيض وغيرها.

وهؤلاء المنافقون عند اشتداد الشديدة، وقيام الحرب ينتظرون مراقبين المؤمنين وغيرهم، فإن كان النصر الفاتح الفاصل بين قوة الشرك وقوة أهل الإيمان بنصر الله تعالى وتأييده قالوا: نحن معكم لنا حظ في الغنيمة ولابد أن يسهم لنا سهم فيها، وإن كان للكافرين نصيب من النصر قالوا: ألم نحطكم بحمايتنا ورعايتنا ونمنع المؤمنين من أن ينتصروا عليكم، أي أن انتصاركم كان بفضل حياطتنا ورعايتنا، فهم لطمعهم مترددون بين الفريقين كالشاة العاثرة بين غنمين، يذهبون إلى حيث المطمع العاجل، إذا احتدم القتال بين الفريقين، أما إذا كان السلم فقلوبهم وولاؤهم للكافرين دائما لأنهم منهم.

وفى النص القرآني بعض بحوث لفظية تقرب معنى النص الكريم:

أولها - أنه سبحانه وتعالى عبر عن النصر في جانب المؤمنين بأنه فتح؛ لأن الفتح فصل بين الحق والباطل، ولأنه من وراء نصر المؤمنين فتح الطريق لكي يدرك الناس الإسلام، ويدخل فيه من أراد، ولأن النصر للمؤمنين دائم، وقد عبر سبحانه عن الفتح أنه يجيء من الله وفي ذلك معنى الدوام؛ لأن الذي يجيء به هو الله القائم على كل شيء فهو باق ما بقيت الأسباب التي تتخذ للنصر.

ثانيها - أن الاستفهام في قوله تعالى: (ألَمْ نَكُن مَّعَكُمْ) معناه أننا كنا معكم مؤكدين ذلك بالاستفهام، وهو الذي يسمى الاستفهام التقريري وهو في أصله للنفي، وهو داخل على النفي، وهو: لم نكن معكم، فهو نفي لهذه القضية، ونفي النفي إثبات، ومثل ذلك قوله تعالى: (ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>