للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨)

إذا كان كل من في الأرض ملكا للَّه تعالى وعبيدا له، فالمسيح مملوك للَّه تعالى؛ لأنه سبحانه خالقه، ومن يستنكف أن يكون عبدا للَّه تعالى، وإذا كان الوثنيون قد اتخذوا الأحجار آلهة، فإنه لَا يقل شركا عنهم من قال إن اللَّه اتخذ ولدا؛ ذلك أن كليهما أشرك، والوثنيون لم يمسوا الذات الإلهية وإن كانوا ضلوا ضلالا بعيدا، أما من قالوا اتخذ اللَّه ولدا فقد وافقوهم في الشرك ومسوا الذات العلية.

(قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) لم يبين سبحانه من قال هذا، والنصارى ليسوا وحدهم؛ ذلك لأن الذين قالوه كثيرون - غيرهم - قبلهم، فالبراهمة قالوا: أن كرشنة ابن اللَّه، والبوذيون قالوا: إن بوذا ابن الإله، وعنهم أخذت الأفلاطونية الحديثة، وعن الأخيرة أخذت النصرانية بعد أن بُدلت وحرفت عن مواضعها وكذبوا على المسيح عليه السلام.

وكل هؤلاء مشركون والفرق بينهم وبين المشركين من العرب، أن مشركي العرب عبدوا الأوثان بعد أن قالوا: إن اللَّه خالق السماوات والأرض واحد في ذاته وصفاته، وإشراكهم كان في عبادة غيره معه، أما هؤلاء الذين ادعوا أن اللَّه اتخذ ولدا فإنهم لَا ينزِّهون ذات اللَّه تعالى وبشركون الولد كما أشرك غيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>