للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)

* * *

الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر، والمعنى إذا كان قطع اليد هو العقوبة الرادعة، فإن التوبة تجبها وتقطعها في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط، فمن أقلع عن الذنب وأحس بالندم على ما ارتكبه، واعتزم على ألا يعود إليه، فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته، وعبر سبحانه وتعالى عن قبوله توبته بقوله: (فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ).

أي أنه جلت قدرته، وتعالت عظمته يقابل عمله القلبي في التوبة، والعمل الخارجي بالإصلاح ومنع الإفساد، بعمل من جانبه سبحانه وهو أنه يتوب عليه، أي يعينه على التوبة ويقبلها، فقوله تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) يتضمن ثلاثة معان - أولها - المعاونة على التوبة إذا أخلص العبد، وخلص العمل له سبحانه، وأصلح في الأرض بعد الإفساد فيها. وثانيهما - قبول التوبة، وثالثها - تطمين التائب بتأكيد القبول.

وذكر سبحانه أن التوبة الخالصة لَا بد أن تقترن بالإصلاح؛ لأن الإذعان القلبي لَا يكون كاملا وناميا إلا إذا اقترن به العمل الصالح، لأنه يزكيه ويسقيه.

والتعبير بقوله تعالى: (مِنْ بَعْد ظُلْمه) إشارة إلى أن السرقة خاصة وارتكاب الذنوب عامة ظلم كبير، وقوله تعالي: (وَأَصْلَحَ). فيه إشارة إلى أن السرقة إفساد في الأرض والأمانة إصلاح أي إصلاح.

وقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية بإثبات رحمته، وأنه سبحانه من صفاته الثابتة الغفران فقال: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رحِيمٌ). أي أن الله يتوب على عبده إذا أذنب؛

<<  <  ج: ص:  >  >>