للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ ... (٩٩)

* * *

ذكرنا أنهم لَا يكتفون بكفرهم، بل يبغون في غيرهم إبعاده عن الحق، فيصدون عن سبيله، وقد كرر سبحانه بالحق الذي أنكروه، ويضع أيديهم على حالهم التي ألفوا فيها الباطل، حتى غلقوا به أبواب الحق على أنفسهم وقوله تعالى: (لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) معناه لِمَ تصرِفون الناس عن سبيل الله تعالى وهو سبيل النور وسبيل الحق، فالصد هو الصرف والمنع، والحيلولة بين الشخص والوصول إلى الأمر؛ و " سبيل الله " هي السبيل التي وضّحها وبينها سبحانه، وهي الصراط المستقيم الذي يوصل إلى رضاه سبحانه، وإذا كان أولئك يحاولون منع الناس من الطريق الذي رسمه العلي الكريم وحد حدوده فقد عاندوا إرادة الله وحادوه، ومن يحادّ الله تعالى فإنه مغلوب لَا محالة، وقد وصف سبحانه وتعالى حالهم في الصد عن سبيل الله فقال: (تَبْغُونَهَا عِوَجًا) أي ترغبون العوج لها، أي تريدون أن تكون ملتوية غير واضحة ولا بيّنة في أعين المهتدين، كما التوت نفُوسُكم، وحالت عيونكم، فلم تدرك الحق مستقيما بعد أن قامت بيناته، أو المراد تبغونها أي تطلبونها معوجة حائلة، أي لَا تتجهون في طلبها بقلب سليم، فتكون معوجة لاعوجاجكم.

وقد قال الزمخشري في معنى هذه الجملة السامية: " فإن قلت: كيف تبغونها عوجا، وهو محال؟ قلت: فيه معنيان؛ أحدهما: أنكم تلبسون على الناس حتى توهموهم أن فيها عوجا بقولكم: إن شريعة موسى لَا تنسخ، وبتغييركم

<<  <  ج: ص:  >  >>