للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) المعروف هو الأمر الذي تعارفته العقول ولم تختلف فيه الأفهام؛ وهو الذي يكون متفقا مع الفطرة الإنسانية التي لَا تختلف في الناس، والمنكر هو ما تضافرت العقول الإنسانية على إنكاره وقبحه، وهو مناقض للفطرة الإنسانية. وإن العقول من بدء الخليقة تضافرت على أمور أقرتها، وعلى أخرى أنكرتها، فلم تختلف العقول في مدح الصدق والعدل والحياء والعفة، ولم تختلف العقول في استنكار الظلم والكذب والفجور والاعتداء بكل ضروبه، ومهما يحاول الذين يريدون حل المجتمعات الفاضلة وهدم بنيانها، من إنكار لتلك الحقائق، وادعاء أنها ليست مقومات الإنسانية، وأنها اتفاقات زمنية، وأوهام سيطرت على العقول - فلن يصلوا إلى غاياتهم، وإن ادعوا أن ما يقولونه هو طبيعة الوجود، ولذا سموا أنفسهم وجوديين، وذلك لأن كلامهم ضد طبائع النفوس، وضد السمو الإنساني عن الطبيعة الحيوانية، وضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وإن الأعرابي الذي سئل: لماذا آمنت بمحمد؛ فقال: ما رأيت محمدا يقول في أمر: افعل، والعقل يقول لَا تفعل، وما رأيت محمدا يقول في أمر: لَا تفعل، والعقل يقول افعل - أكبر إدراكا من هؤلاء المتفلسفة، وأكثر اتصالا بطبائع الوجود الإنساني منهم، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>