المحاجة تبادل الحجة، سواء أكانت الحجة قوية أم كانت حجة داحضة عند ربهم، والفاء هنا فاء الإفصاح؛ إذ إنها تفصح عن شرط مقدر؛ والمعنى إذا كانت هذه حقيقة السيد المسيح عليه السلام، وهذه إرادة الله تعالى في الخلق والتكوين، فكل ما يدعى له من الألوهية باطل، ولا يؤمن به أحد، فمن حاجك إلخ: والمعنى: فمن حاجك في شأنه من حيث كونه إلها أو ابن إله أو غير ذلك من الترهات الباطلة، بعد أن علمت من شأنه ما علمت، وذلك بعلم الله الذي أعلمك إياه، ووحيه الذي أوحاه إليك، فلا تبادلهم حجة بحجة لأنهم لَا يؤمنون بحقيقة ما يقولون، ولا يذعنون للحق الذي تقول، وإن كانوا يعلمونه، ولكن قل لهم:(تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) والمعنى ندع من عندنا من ذرية ونساء، ومن عندكم من ذرية ونساء، ومن عندنا من رجال، ومن عندكم؛ أي يتلاقى جمعنا وجمعكم، ثم نتجه نحو الحقيقة طالبين لها، أو على الأقل يعلن كل واحد منا إيمانه بما عنده، ونبتهل إلى الله ضارعين إليه، متجهين بقلوبنا نحوه أن يجعل لعنته وطرده من رحمته على الكاذبين في دعواهم المنحرفين في اعتقادهم.
وهذا المعنى هو ظاهر الآية؛ إذ فيه الدعوة الاجتماعية من الفريقين ليكون الجمع في مقابل الجمع فيعرف المحق من المبطل.