للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ... (٢٨)

* * *

تلك هي الكلمة الثانية، وبسط اليد مدُّها بالاعتداء، ونرى في هذا النص قسما ينبئ عن الطيبة والخلق السمح في مقابل قسم ينبئ عن الشر ونية الأذى والتصميم عليه، وهذا يصور ما بين الاخيار والأشرار من تضاد، فهو يؤكد هنا سلامة القلب وسلامة العمل، أقسم الأول على القتل، وأقسم الثاني على عدم الرد (١)، وقد أكد نفيه بهذا القسم، وبالتعبير بالجملة الاسمية في جوابي القسم؛ لأن جواب القسم: (مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ) وقد أكد النفي بأمور ثلاثة: أولها - التعبير بالوصف، فهو ينفي عن نفسه وصف بسط اليد لأجل الاعتداء؛ لأن ذلك ليس من شأنه ولا من رغباته، والثاني - التعبير (باليد) للإشارة إلى أن ما بينهما من رابطة الرحم الموصولة عنده تمنعه من أن يمد إليه يده بالأذى، والمؤكد الثالث - التعبير (لِأَقْتُلَكَ) فيه أن هذه الجريمة تنفر منها الطبائع السليمة، ولا ترضى بها العقول المستقيمة، وخصوصا إذا كان يريد قتله.

وقد أقسم الأول على الفعل فقال (لِأَقْتُلَكَ) وردد كلامه في نية الاعتداء بالفعل أيضا؛ لأن موضوع القول هو ذلك الفعل الذي كان ثمرة للنية الخبيثة من فاعله، أما النفي الذي كان من الشاب الطيب، فقد كان عن نفي الوصف، أي أنه لا يقع منه ذلك الفعل، ولا يمكن أن يقع.


(١) وهو القسم المفهوم من اللام الموطئة له في (لأقتلنك)، و (لئن بسطت) أي: اقسم لأقتلنك.
اقسم لئن.

<<  <  ج: ص:  >  >>