البأس هنا الشدة. وهي أكثر ما تكون في شدة الحرب. ولأواء القتال، ويطلق على شدة الفقر والبؤس في العيش، و (لولا) هنا للنفي مع تمني الوجود فهي لنفي تضرعهم مع تمني أن يكونوا قد تضرعوا، والتمني هنا معناه ينبغي، كأن المعنى هكذا لم يتضرعوا وكان ينبغي أن يكون البأس الشديد مؤديا إلى ضراعتهم، لأنه يشعرهم بضعفهم أمام قدرة الله تعالى الغالب القاهر فوق كل شيء. لكن الإحساس بالضعف الذي دل عليه نزول البأس عليهم - ولا قبل لهم - وجد مانعان يمنعان أثره. فإذا كان قد وجد سبب الضراعة فقد وجد المانع منها. والمانع منها أمران:
أحدهما - قسوة القلوب. وقد عبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله تعالى:
(وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) وكان ذلك الاستدراك للإشارة إلى أن الضراعة وقسوة القلوب لَا يجتمعان ولو نزلت الشدائد، وإن ضرعوا فإلى أمد محدود، ثم تعود إليهم أحوالهم.
والسبب في أن القسوة والضراعة نقيضان لَا يجتمعان أن القسوة غلظ في النفوس والطباع وإن بعض النفوس لتقسو حتى تكون كالحجارة أو أشد قسوة، وإن