للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)

(أَمْ) هنا للإضراب الانتقالي أي أنه سبحانه في الأسلوب القرآني الحكيم ينتقل من السير في القصة إلى نهايتها وإلى ما تشير إليه من دلائل الإعجاز، أي يقولون قصد الكذب في هذا الكلام الدال على صدق الرسالة، قد يقولون ذلك وهم يعلمون أنه الصادق الأمين الذي لم يعرفوا له كذبا قبل البعث وبعده، ويأمره اللَّه تعالى بأن يقول لهم: (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ)، قل إن افتريته وكان قصصه كاذبا فإن إجرامه عليَّ، فعليَّ هذا الإجرام أي وباله وإثمه (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) فإجرامكم كثير، إشراك باللَّه وأوهام تسيطر عليكم فتحرِّمون ما أحل اللَّه وتحلون ما حرم اللَّه تعالى وتؤذون أهل الحق وتصدون عن سبيل اللَّه وتبغونها عوجا، وإن البراءة من إجرامكم خير لَا ريب فيه وهداية لَا شِيَة فيها.

وفى قوله تعالى: (إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي) كان التعبير بقوله (إِنِ) لبطلان أصل الافتراء واستحالته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف عنه كذب قط، ولأنه يوافق كتب أهل الكتاب التي لم يتلوها من قبل، ولأنه من الله العليم بكل شيء وقوله: (فَعَلَيَّ إِجْرَامِي) يفيد أنه عليه السلام يتحمل تبعة قوله وأن إجرامهم ثابت وهو بريء منه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>