للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩)

الفاء عاطفة، وانشأنا، خلقنا بإنشاء جديد لَا بمجرد التوليد لشيء من شيء، فإن إخراج الحي من الجامد ليس توليدا مجردا، إنما هو إنشاء لمخلوق جديد، واقرأ قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)، ثم يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩).

وقوله تعالى: (مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب)، من هنا بيانية، فهي بيان لنوع الجنات، (وَأَعْنَاب)، جمع عنب، وجمعه لأنه أنواع مختلفة فالأعناب بكل أنواعها، خلقها اللَّه تعالى وأنشأها إنشاء، ولم تذكر الحبوب؛ لأنها كانت قليلة في مكة وما حولها، وإنما كان النخيل والأعناب فيها، وفي الطائف القريبة منها.

وهذان النوعان النخيل والأعناب، فاكهة يانعة يتفكهون بها، وغذاء طيب يستغنون به عن كل الأطعمة، فإذا كان عند الرجل نخلة وناقة، فعنده الغذاء الموفور من التمر واللبن، ولذا قال تعالى: (لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)، أي إنها فاكهة وغذاء، فالعنب يؤكل رطبا وزبيبا، والبلح يؤكل رطبا وبسرا، وهو أنواع مختلفة.

وذكر سبحانه وتعالى نوعا ثالثا من الأشجار، وهو الزيتون، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>