(إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ) هذا شرط لمنع الولاية عنهم والانتصار بهم، ونصرتهم و (اسْتَحَبُّوا) معناها أحبوا بشدة وتعصب؛ لأن السين والتاء للطلب، أي طلبوا محبة الكفر حتى أحبوه، فكانوا مبالغين في الكفر متعنتين في عداوة المؤمنين، فمن والاهم فقد والى أعداءه الكافرين.
الثالثة - أن الله تعالى حكمِ بالظلم على من يتولاهم في قوله تعالى:(وَمَن يَتَوَلَهُم مِّنكمْ فَأوْلَئِكَ هُم الظَّالِمُون)(مَنْ) شرطية، وهي اسم، والتولي جعلهم أولياء له ونصراء، وقال تعالى:(مِنكمْ) للإشارة إلى أنه ترك ولاية الحق إلى الباطل، لأن منكم تدل على أن الأصل هو ولايتهم لكم، وقوله تعالى:(فَأُوْلَئِكَ)، الإشارة إلى انفصالهم عنكم، وحكم عليهم سبحانه بالظلم وقصره عليهم؛ وذلك لأنهم ظلموا أنفسهم بترك أوليائهم الحقيقيين كما قال تعالى:(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّه وَرَسُولهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا. . .)، فإركوا ولاية الله وإخوانهم المؤمنين، فكانوا ظالمين إذ استنصروا بمن لَا ينصرونهم، وليس في قدرتهم أن ينصروهم من دون الله، ولأن موالاة الشرك شرك (. . . إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). إن الجهاد تجرد لله تعالى، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جعل المجاهد كالراهب متجردا من أهله وماله، وسكنه وتجارته، فقال عليه الصلاة والسلام: " لكل أمة