للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ ... (٦٩)

* * *

وأنذرهم بالعذاب

الشديد إن لم يؤمنوا، وذكرهم بما كان من قوم فرعون، ونعم الله تعالى فقال: (لِيُنذِرَكُمْ)، أي يببن لكم عقاب الله، وإني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ذكرهم بثلاثة أمور تدنيهم، وتجعلهم يشعرون بأن الله أنعم عليهم، وأعطاهم العبر ليعتبروا:

ذكراهم أولا - بأنهم خلفاء قوم نوح، وإن ذلك فيه عبرة لهم لأنهم كيف أُغرقوا، ولم ينج إلا من حملته السفينة الربانية، وخلفاء جمع خليفة، أي أنهم خلفوهم في سكنى أرضهم وأرسل هو إليهم، كما أرسل نوح من قبل.

وذكرهم ثانيا - بأن الله زادهم في الخلق بصطة، أي قوة في الجسم فكانوا عمالقة، وبصطة أصلها بسطة، وتكتب السين صادا، لاتصالها بالطاء، وهي ساكنة.

وذكرهم ثالثا - بنعم الله تعالى عليهم من زروع وثمار، فقال: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ) أي نعمه، واحدها " إلي " و " ألي ".

ذكرهم بهذه الأمور الثلاثة رجاء أن يعتبروا ويتعظوا ويؤمنوا، وبذلك ينالون الفلاح والفوز، ولذا قال تعالى: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، أي لترجوا الفلاح والفوز بالصلاح في الدنيا والنعيم في الآخرة.

ولكنهم مع هذا التذكير الواعظ المرشد، لم يهتدوا، بل قالوا مجادلين: (أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>