للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧)

كانت آخر الآيات السابقة لهذه الآية قوله تعالى على لسان النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم وإن لم تذكر النسبة إليه لأنه ملاحظ في كل خطاب في بيان ما يجب بيانه: (وَإنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مسْتَقِيمٌ)، قد بين سبحانه أن عبادة اللَّه تعالى وحده هي الصراط المستقيم، ومن حاد عنه زاغ وضل عن الهداية، ولكن هل تلقاه الناس بالطاعة والخضوع، فقد ضلوا في ذلك ضلالا بعيدا، فمنهم من أشرك، ومنهم من قال أنه اتخذ ولدا، واختلفوا في ذلك على فرق شتى، ولذا قال تعالى: (فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ)، (الفاء) عاطفة على ما قبلها في قوله تعالى: (هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) وهو عطف عملهم واعتقادهم على الاعتقاد المستقيم الذي لَا ريب فيه.

و (الأَحْزَابُ) جمع حزب، وهو الجماعة التي تنتحل نِحلة وتتميز بها وتناصرها، وتؤيدها وتنحاز بها عن غيرها، وتدافع عنها وتلاحى دونها، والكافرون أحزاب ونِحَل متباينة، فالنصارى طوائف، واليهود طوائف، والمشركون طوائف، فمنهم عبدة الأوثان، ومنهم عبدة النيران، ومنهم عبدة الشمس، ومع أن الطريق واضح هو المستقيم اختلف الكافرون ذلك الاختلاف، على نواح شتى وأهواء متباينة، فكلمة (الأَحْزَابُ) ليست مقصورة على فرق النصرانية، إنما المراد بها كل الذين أشركوا مع اللَّه سواء أكان ما أشركوه صنما أم شمسا أم نارا أم شخصا، وحزب اللَّه هم المؤمنون، كما قال تعالى: (. . . أولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>