للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ).

الضمير في (لهم) يعود على من فصل لهم الآيات، فتذكرها، إذ يقول سبحانه: (قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) فقال سبحانه وتعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلام عِندَ رَبِّهِمْ) والسلام معناه الأمن، ودار السلام هي الجنة، وسميت دار السلام لأنها دار الأمن من الخوف، فلا يخافون أحدا، ولا يحزنون على شيء فاتهم فيها، وهي دار إقامة وفيها النعيم المقيم، وغيرهم في العذاب، وهم فيها يتمتعون بأمرين أولهما النعيم الدائم الذي لَا يخافون فيه انقطاعا.

ثاني الأمرين أنهم يكونون عند ربهم، فهم يلقون الله تعالى، وهو وحده نعيم نفسي لَا يعدله نعيم، وهو الذي رَبَّهم في الدنيا، ويربهم في الآخرة، فهم في رحمته في الدنيا، وقد قاموا بالشكر، وفي رحمته في الآخرة لاستحقاقهم الأجر، فالشكر منهم، والأجر من الله تعالى متقابلان، وهما البيع الرابح - وأكد الله تعالى الأمر الثاني وهو قربهم من الله تعالى فقال تعالى: (وَهُوَ وَلِيُّهم بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ).

(الولي) الموالى والنصير، والحبيب، والله سبحانه وتعالى هو ذلك كله بالنسبة للمؤمن الطائع الذي سلك طريق الله تعالى المستقيم، وتذكر الله تعالى في الدنيا، في سره وجهره، في ظاهره وباطنه، فهو وليه إذ أخرجه من الظلمات إلى النور وهو وليه إذ شرح قلبه للإسلام وهو وليه إذ وقاه الله تعالى ضر النفس بالانحراف والظلم، ثم هو وليه إذ لقيه في الآخرة ووقاه عذاب الجحيم.

وقد تكرم الله سبحانه وتعالى - وهو مجري النعم - بأن جعل نعيم الجنة جزاء، وهو المتفضل، وله المن والفضل، فقال تعالى: (بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي أنهم استحقوا دار السلام عند ربهم وولايته بالذي عملوا في الدنيا وداوموا عليه، وكان يتجدد عملهم بتجدد شعورهم بنعمة الله تعالى عليهم، ذلك الفضل من الله، والله يختص برحمته من يمثماء، وهو ذو الفضل العظيم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>