للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ... (٨٥)

* * *

الإسلام هنا هو الإسلام في قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ الَلَّهِ الإِسْلام. . .)، فهو الإيمان بالله تعالى وحده، وإذعان العقل والنفس والقلب لله سبحانه وتعالى، فهو التوحيد، والانقياد، والإذعان، والإخلاص لذات الله، بحيث يحب الشيء لا يحبه إلا لله. وكان المعنى: من يطلب غير الإخلاص دينا لله تعالى فلن يقبل منه؛ لأن عدم الإخلاص لله تعالى إشراك للهوى ومآرب الدنيا في الاتجاه إليه سبحانه، وذلك نوع من الشرك الخفي، ولذا أكد سبحانه وتعالى ذلك بقوله: (فَلَن يقْبَلَ مِنْهُ) أي أنه ليس من شأنه أن يقبل غير الإخلاص إذ إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من عباده إلا ما كان خالصا له مجردا من كل هوى من أهواء الدنيا، ومن كان عنده ذلك الإخلاص الحق هو الذي قال سبحانه وتعالى في مثله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَاموا تَتَنَزَّل عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافوا وَلا تَحْزَنوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كنتُمْ تُوعَدُونَ).

وإن الله تعالى إذا كان لَا يقبل ذلك النوع من التدين، وهو الذي خلا من الإخلاص، فإن صاحبه يكون يوم القيامة من الخاسرين، ولذا قال سبحانه: (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) أي أن الخسران يوم القيامة يكون شأنه، إذ خسر رضوانه تعالى، وخسر النعيم المقيم، وخسر رحمة الله، فألقى به في الجحيم. اللهم هب لنا الإخلاص، وأنِرْ به بصائِرَنا، وامنحْنا قبولك ورضاك يا أرحم الراحمين.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>