للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) لقد اتفق النصارى على أن يسوع عندهم فيه عنصر إلهي، وفي عصور الإسلام الأولى كان النسطوريون منهم يقولون: إن المسيح ليس ابن الله تعالى في الألوهية، ولكنها بنوة النعمة، وقد ذهبت هذه الفرقة في عبر التاريخ، أو تكاد، فلا تكاد تسمع ذلك الصوت الآن إلا عند بعض الموحدين الذين ظهروا في طائفة البروتستانت، ولكنهم عدد نادر، لَا يعترف بهم على أنهم نصارى.

وإذا كان الأمر المعروف عندهمْ أن يسوع ابن الله، وفيه عنصر إلهي، فقد قالوا: إن الألوهية قد حلت فيه، ولازم ذلك القول أن يكون هو الله، أو هو إله يعبد، ومهما يكن فقد قالوا باتحاد عنصر الألوهية فيه، وقد قال في ذلك البيضاوي: " هم الذين قالوا بالاتحاد منهم، وقيل لم يصرح به أحد منهم، ولكنهم لما زعموا أن فيه لاهوتا، وقالوا لَا إله إلا واحد، لزمهم أن يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم " وذلك بلا ريب ينتهي إلى القول بأنهم يعتقدون أن المسيح هو الله، وإن لم يصرحوا بذلك، فهو لازم قولهم باتحاد عنصر الألوهية فيه مع الله.

وإن ذلك الكلام تخريج على أن النصارى مذهب واحد في اعتقاد الألوهية، وأنه ابن الله، وبذلك يكون قوله تعالى في هذه السورة سورة المائدة: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ فَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ. . .) متلاقيا مع هذا النص الكريم، فهنا صرح بلازم قولهم، وهنالك صريح بذات قولهم.

والحقيقة أن النصارى اليوم - وهم لَا يزالون يغيرون ويبدلون - يصرحون بأن الأقانيم ثلاثة، وأنها شيء واحد، وينتهون إلى أن المسيح هو الله، والله هو المسيح، والله هو روح القدس، فقد قال الدكتور " بوست " في تاريخ الكتاب المقدس: " طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الآب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير، غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>