للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ْأوحى الله تعالى إلى نوح أن يصنع الفلك لينجو فيه من أراد اللَّه تعالى نجاته وهم الذين آمنوا وأهل نوح الذين لم يكفروا، أن تفسيرية، لمعنى الإيحاء الذي أوحى به إلى نوح عليه السلام، فقوله: (اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا)، أي اصنع الفلك برعايتنا ورقابتنا، كمن يكون تحت العين والبصر، ولا يعد ذلك تأويلا، بل إنه ظاهر اللفظ، من غير تأويل، فلا حاجة إلى ما قيل إن هذا تأويل كقول الخلف، ولا إلى القول بأن للَّه عينا ليست كأعيننا، كما يُدَّعى أنه قول السلف (راجع في هذا رسالة الغزالي: إلجام العوام عن علم الكلام).

أي أن صناعة الفلك كانت برقابة اللَّه - تعالى - ورعايته ووحيه في البناء والتصرفات، (وَفَارَ التَّنُّورُ الفُرْنُ الذي يخبز فيه الخبز، والتعبير عن سبب سير السفينة الذي يقترن بسيرها بقوله تعالى: (وفَارَ التَّنُّورُ) فيه ما يشير إلى أنها كانت تسير ببخار الماء، وقد أشرنا إلى هذا المعنى في سورة هود.

(فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كلٍّ زَوْجَيْنِ)، أي أدخل فيها من كل صنفين زوجين ذكر وأنثى، واسلك بمعنى أدخل هي في اللغة، ومن ذلك قوله تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر)، أي ما أدخلكم فيها، وقال تعالى: (وَأَهْلَكَ)، أي أدخل أهلك إلا من سبق عليه القول بهلاكهم لأنهم كافرون، وقد خاطبه نوح في شأن ابنه كما جاء في سورة هود إذ قال نوح - عليه السلام - إشفاقا على ابنه: (إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي. . .)، فقال اللَّه تعالِىٍ له: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غيْرُ صَالِحٍ. . .). وقوله: (مَن سَبقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) وهو الحكم عليهم بالهلاك، ولذا تعدى بعَلَىَ وقد التفت الله تعالى حكمه، من بعد ذلك إلى نوح ومن معه مذكرًا لهم بعد أن أغرق الكافرين، فقال مخاطبا نوحا:

<<  <  ج: ص:  >  >>