للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ... (٦٩)

* * *

الباعث لأهل التقوى على الجلوس والاستماع إلى الظالمين، وهم يخوضون في الآيات البينات الثابتة الدالة على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - منكرين، جاحدين مستهزئين، لاجِّين في عنادهم هو رغبتهم الملحفة في الهداية فأشارت الآية الكريمة أنه لَا رجاء فيهم، ولا غضاضة على أهل التقوى في ذلك؛ لأنهم ما عليهم إلا التذكير، وما عليهم من تبعات أعمالهم شيء إنما تبعات أعمالهم عليهم.

وهذا النص الكريم الذي نتكلم في معناه يبين أن الذين يتقون الله تعالى حق تقاته، ويجعلون بينهم وبين غضبه سبحانه وتعالى وقاية ليس عليهم تبعة عن أعمال الذين يخوضون في آيات الله تعالى، فالمراد من حسابهم أي أعمالهم المحسوبة عليهم، فهو من إطلاق المصدر على اسم المفعول باعتبار أن العمل هو السبب في الحساب، وهو من إطلاق اسم المسبب، وإرادة السبب، والمعنى ما دمتم قد أديتم واجب الإرشاد والتذكير، فما عليكم من تبعة أعمالهم من شيء. ولقد قال في معنى (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ) الأصفهاني ما نصه: وقوله تعالى: (. . . مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ. . .).

فنجد قوله تعالى: (. . . عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. . .)، أي أن المعنى ما دام أهل التقوى قد أدوا، فلا حساب عليهم، ولا ينالهم أذى من حسابهم، وقوله: (مِن شَيْءٍ) " من " هنا للدلالة على عموم النفي واستغراقه، أو تأكيد استغراقه، أي ما عليكم أي قدر - ولو ضؤل - من تبعات أعمالهم ما دمتم قد ذكرتموهم العاقبة لما هم عليه، فالواجب عليكم التذكير، ولذا قال سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>