للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ... (١١٩)

الضمير في (خَلَقَهُمْ) يصح أن يعود إلى الناس، ويكون الاستثناء في قوله: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) استثناء من الاختلاف ويكون المعنى ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة في الهداية والتقوى والفضيلة، ولكنه لم يشأ ذلك إلا في الذين رحمهم، وتكون (اللام) للتعليل، أي أن اللَّه تعالى خلق الناس متنازعين في الخير والشر، ولا يهتدي إلى الخير إلا الخلصاء الأطهار، ولذلك خلق الناس مختلفين لتبين الصفوة، ولتصل إلى الخير في وسط أشواك من الباطل فيكون لهم فضل الجهاد في الوصول إلى الحق.

ويصح أن يعود الضمير إلى قوده تعالى: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) أي المستثنى ويكون المعنى كالأول في نتيجته، وغايته أي أن اللَّه تعالى خلق الناس مختلفين متعاركين يخلص الصفوة المرضية، ولأجل تلك الصفوة، والمؤدى في التخريجين أن اللَّه تعالى خلق الناس كذلك ليميز اللَّه الخبيث من الطيب، كما قال تعالى: (مَا كانَ اللَّهُ ليَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ما أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَميز الْخَبيثَ منَ الطَّيبِ. . .).

وإن القلة التي يرحمها اللَّه بالإيمان، والكثرة هي تكون في النار، ولذا قال تعالى:

(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).

أشار سبحانه وتعالى إلى الذين رحمهم اللَّه تعالى، وفي هذا النص يذكر الذين عصوا أمر ربهم، والرحمة بهم ليست من عدل اللَّه، لأنهم لم يرحموا أننسمهم، ومن لَا يَرحم لَا يُرحم، فقال تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>