للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) السؤال كان من المؤمنين، ولم يكن من غيرهم؛ لأنهم أرادوا أن يعلموا حكم دينهم في أخص شئونهم؛ ولأنهم أدركوا بقوة وجدانهم الديني أن الإسلام مرشد إلى الأمر الصالح في كل شيء وفي كل الأمور، ما دق منها وما جل، بل ما خص منها وما عم، وليس أي شأن من الشئون الخاصة إلا له صلة بالشئون العامة؛ لأن الإنسان ليس شيئا قائما بذاته منفردا عن غيره مفصولا عن سواه، بل هو جزء من كل، موصول بما عداه، فالأجزاء تتلاقى فتكون ذلك المجموع وتربطه بروابط من الفضيلة، فما من خصوص للآحاد إلا له صلة وثيقة بعموم الجماعة؛ ومن فصَل الأمور الشخصية عن الأمور العامة لم يفهم علاقة الإنسان بالإنسان ولم يفهم قانون الجماعات وسر الاجتماع.

من أجل هذا المعنى سأل المؤمنون عن هذا الأمر الخاص الذي يتصل بأدق العلاقة بين الرجل والمرأة.

والمحيض مشتق من الحيض، وأصله بمعنى السيل؛ يقال: حاض السيل بمعنى فاض، ثم أطلق الحيض على ما يقذفه رحم المرأة من دم في حال فراغه من الحمل؛ والمحيض قال الزمخشري فيه: إنه مصدر ميمي: مجيء، ومبيت، وعلى ذلك يكون السؤال عن المحيض أي عن حكم العلاقة بين الرجل والمرأة عند وجوده. وقد يراد منه اسم الزمان، ويكون السؤال عن حكم العلاقة بين الرجل والمرأة في وقته، وقد يراد منه اسم المكان من حيث العلاقة في مكان الحيض وهو جهاز المرأة التناسلي.

والظاهر أن السؤال عن حكم العلاقة عند وجود الدم وكل التخريجات السابقة تصلح لذلك وكلها تحتاج إلى تأويل محذوف مقدر وهو السؤال عن الحكم، وكل التقديرات تنتهي إلى معنى واحد وما جرى بين المفسرين من خلاف في هذا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>