للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا)

(المعشر) الجماعة العامة، يا جماعة الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم. . . والخطاب للجن والإنس معا، وقدم الجن: لأنهم الذين كان منهم الاستغواء، والإنس استجابوا لاستغوائهم، فهم أساس الشر، إذ هم الذين وسوسوا بالشر، وهم الذين دعوا إليه وأغووا به؛ ولذا قدموا عند اللوم على إهمال دعوة الرسل، أولا، والإنس كان لومهم؛ لأنهم أطاعوهم، فالمُضِل منزلته في الضلال أقوى من منزلة من استجاب للتضليل اختيارا، وقوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ منكُمْ) فيه استفهام إنكاري لإنكار الوقوع، وفيه معنى التوبيخ والتأكيد، والمعنى قد أتتكم رسل منكم.

والرسل، أهُمْ من الإنس والجن، أم من الإنس فقط؛ والأكثرون على أنهم من الإنس فقط، أولا - لأن الله تعالى لم يذكر رسلا من الجن قط، ولو كان منهم رسل لذكرهم، وثانيا - لأن إرسال الرسل كان لما صنعه إبليس مع آدم إذ وسوس له أن يأكل من الشجرة، فكان الهبوط، وكانت الهداية بِالرسلِ لقوِله تعالى: (فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدى فَمَن تَبِعَ هُدَاي فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يحزنُونَ).

وثالثا - أنه جاء النص بأن الرسل ذوو الكتب المنزلة، وجاء على لسان الجن؛ أنهم خوطبوا بما جاءوا به، فقد قال تعالى عنهم: (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٢).

ورابعا - أن الله تعالى ذكر الأنبياء وكلهم من الإنس، فذكر أعدادا كبيرة، ثم قال تعالى: (ومِنْهُم مَّن قَصَصنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ).

ولم يذكر ولا بالإشارة أن في الجن رسلا أرسلهم.

لهذا رجح الأكثرون أو اختاروا أن الرسل ليسوا من الجن، ولكن قال بعض العلماء إنه كان من الجن رسل، أخذها من هذه الآية، وهي قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>