وهناك قراءة (ما نزلنا عليك القرآن)، وفي هذه القراءة إشارة إلى تنزيل القرآن منجما، ولم ينزل دفعة واحدة، بينا ذلك في مواضعه من القول، وقوله تعالى:(لِتَشْقَى)" اللام " لام التعليل، أي ما أنزلناه عليك لتتعب وتذهب نفسك عليهم حسرات إذا لم يؤمنوا، كما قال تعالى:(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، وقال تعالى:(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نفْسَكَ عَلَى آثَارِهمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَديثِ. . .)، وقال تعالى:(وَلا يَحْزُنكَ الًّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ. . .)، فالنبي - صلى الله عليه وسلم -كان يحمل هَمَّ كفرهم، ويحسب أن ذلك قد يكون عن تقصير في دعوته، وذلك لقوة حِسِّه وشفافية روحه، ولحرصه على إيمانهم قال له ربه:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي منْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ. . .)، وقال تعالى:(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ)، هذا تقريب لمعنى (لِتَشْقَى)، والكمال لله وحده.