للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً).

" إذ " ظرف للزمان، والمعنى اذكر لهم ما كان في الماضي من موقف أبيهم إبراهيم - عليه السلام - من الأصنام، إذ قال لأبيه الذي كان يحبه، ويؤثره، مستنكرا ما كان منه من عبادة: أتتخذ أصناما آلهة؛ وهو استفهام إنكاري للتوبيخ، ولم يمنعه مقام الأب من أن يوبخه على عظيم ما يرتكب مستنكرا فعله: أتتخذ أصناما مصنوعة صنعتها أنت وأمثالك أتتخذها آلهة تعبد، أي أتتخذ من صناعتك آلهة معبودة، إن ذلك ضلالا مبينا تصنعه الأوهام في العقول حتى تجعل غير المعقول اعتقادا، ولذا قال لأبيه الذي كان يحبه: (إِنِّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ) إني أراك مع قومك (فِى ضَلالٍ مُّبِينٍ)، أي بين واضح، والتعبير باسم الفاعل (مبين) للمبالغة في وضوح الضلال أي الضلال مبين لنفسه موضح لها، إذ كيف تصنع بيديك حجرا، ثم تعبده، هذا إجمال كلامه لأبيه، ولقد فصل الله سبحانه وتعالى مقالته لأبيه، في آية أخرى، فقال تعالى حكاية للمجاوبة التي كانت بينهما: (. . . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (٤٤) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (٤٥) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨).

اعتزل قومه وأباه، وكان في بلد يعبد أهله النجوم، ولهم علم بها فانصرف إلى تعرف حال النجوم التي يقدسونها، ويجاريهم في تقديسها، حتى تبين له ولهم أنها غير جديرة بالتقديس والربوبية، لأنها متغيرة وتأفل وتختفي ثم تظهر، وذلك ليس شأن الإله الخالق المنشئ المبدع.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>