للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ) للعطف والترتيب والتراخي، والعطف هنا يكون على الاستفهام السابق وما تضمن من توبيخ وتهكم بهم، كما تهكموا على أوامر اللَّه تعالى ونواهيه من قبل، ودعوتهم إلى الإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب، والتراخي في الانتقال من مرتبة التوبيخ على الكفر إلى مرتبة العذاب العتيد الحاضر المهيأ.

قوله تعالى: (قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) بني للمجهول للإشارة إلى أنه استخفاف منطقي يقال بحكم المنطق والوقوع لكفرهم، وعبر عنهم بالموصول (لِلَّذِينَ) للإشارة إلى سبب العقاب وهو ظلمهم بالشرك وقصد الضلال والإفساد في الأرض وأشاعه زور القول وبهتانه، وإفراطهم في الأخذ بالماديات التي سيطرت على أفهامهم وصاروا لَا يؤمنون إلا بها.

(ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) فيه إضافة العذاب إلى بيان له هو أنه خالد دائم ما دامت السماوات والأرض، وفي قوله تعالى: (ذُوقُوا) تشبيه للعذاب بالشيء الذي يذاق فيصيب إحساسهم، حتى أنهم يذوقونه كما يذاق الشيء المؤلم المرير.

(هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) فيه أن العذاب بسبب ما كنتم تكسبون من أعمال خبيثة فيها إيذاء للناس وإفساد لعقائدهم فهو جزاء وفاق، والجمع بين الماضي والمستقبل دليل على أنهم يكسبون الشر دائما لَا يناون عنه ولا يقصرون.

والاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الوقوع، والمعنى لَا تجزون إلا ما كنتم تكسبون، فجعل سبحانه الجزاء كأنه العمل الذي استوجبه أصلا، وذلك مبالغة في العدالة فالجزاء والعمل متساويان.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>