للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)

الإشارة في (ذَلِكَ) إلى المذكور من الآيات من قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ. . .)، إلى قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) وإن اللَّه تعالى ذكر ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة، والحكمة هي العلم النافع، وفي هذا أعلم نفع كبير، فقد ابتدأ بتطهير العقل والنفس من أدران الشرك، ورجس الأوثان ثم بين بناء المجتمع على دعائم الأسرة، وعلى ألا يجعل يده مغلولة إلى عنقه ولا يبسطها كل البسط ونهى عن الإسراف وما من إسراف إلا ووراءه حق مضيع، ثم طهر المجتمع من أوزاره فنهى عن الفحشاء، وقتل النفس أو قرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وأمر بأن تقوم العلاقة بين الناس على أساس الوفاء بالعهد، وعلى أن يجب الإنسان لنفسه ما يحب لغيره، وأن العلاقة على أساس المقام الذي لَا اعتداء فيه هي خير وأحسن، ونهى عن السير وراء الأوهام، وهذه كلها علوم نافعة، لأن فيها نفع الإنسان وإقامة مجتمع صالح قد حُلِّي بمكارم الأخلاق وخلي من ملائم الناس.

وعن ابن عباس هذه الثماني عشرة كانت في ألواح، أولها (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ. . .) إلى هذه الآية.

ويقول الزمخشري في الكشاف: " وسماها حكمة، لأنها كلام محكم لا مدخل فيه للفساد بوجه " وأقول: لأنها معان محكمة لَا تقبل النسخ، بحال من الأحوال، وقال الزمخشري أيضا: " ولقد جعل الله فاتحتها وخاتمتها النهي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>