للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ... (٢٣٥)

الخطبة: من الخطاب، وهي مخاطبة المرأة أو ذويها في أمر زواجها؛ والتعريض ضد التصريح، وهو إفهام المراد لكلام يحتمل ما يريده المتكلم، ويحتمل غيره، وهو في ظاهره غير ما يريد، ولكن يبدو من لحن القول وإشاراته والمقام ما يريده، وهو من عَرْضِ الشيء وهو جانبه، كأنه يحوم به حول الشيء وعلى جوانبه ولا يظهر مراده.

والنساء المراد بهن في الآية هن المتوفى عنهن أزواجهن في أثناء العدة. والإكنان في النفس أن يخفي إرادة الزواج والرغبة فيه مع الإصرار عليه، واعتزامه من غير إعلانه الأحد.

ومعنى الجملة الكريمة: أنه لَا إثم في التعريض بخطبة المتوفى عنهن أزواجهن، كما أنه لَا إثم في الرغبة في الزواج منهن مع إكنان ذلك وستره من غير كشف وإعلان؛ لأن الكشف والإعلان قد يؤذي الميت، وهو فوق ذلك لَا يليق بأهل المروءة من الرجال.

والتصريح بالخطبة لَا يجوز، حتى لَا يؤذي أهل الميت، وحتى لَا يدفعها إلى الامتناع عن الحداد على زواجها، فوق أن ذلك نقص في الخلق. وفساد في الذوق لا يصدر عن ذي إحساس كريم؛ فالتعريض فقط هو المباح في الخطبة في حال عدة الوفاة؛ وأساليب التعريض متباينة يبينها المقام؛ ومن ذلك ما يروى عن سكينة بنت حنظلة أنها قالت: " استأذن عليَّ محمد بن علي زين العابدين فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقرابتي من علي، وموضعي في العرب. . فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، إنك رجل يؤخذ عنك؛ تخطبني في عدتي!! قال إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن علي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>