للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ) أي وأنتم تجددون تلاوته آنا بعد آن، فالاستنكار للحال التي يجتمع فيها الأمر بالخير والحث عليه مع ترك أنفسهم لَا تفعلها، وكأنهم نسوها ولم يذكروها، والذكر دائم مستمر، وليس الاستنكار للبر مجردا عما لابسه من حالهم، لأن الأمر بالبر في ذاته ليس بمستنكرٍ، ولا يمكن أن يكون مستنكرًا؛ لأنه دعوة إلى الحق، ولا تنكر الدعوة إلى الحق في ذاتها.

وإن حالهم من دعوة إلى الحق مع نسيان أنفسهم، وتركه مع استمرار التذكير به، وكان ينبغي مع التذكير التذكر - لَا يغفله الذين يفكرون ويعملون عقولهم؛ ولذا قال سبحانه: (أَفَلا تَعْقِلُونَ) والاستفهام هنا للتنبيه إلى مناقضة حالهم للعقل المدرك.

والعقل مصدر عقل بمعنى منع، ثم أطلق على ما يكون به الإدراك السليم لأنه يمنعه من القبيح، ويعقله ويقصره على الجميل، ومعنى الاستفهام، أن حالهم هي حال من لَا عقل له ولا إدراك، و (ألا) هنا - كما ذكرنا - للاستفهام والتنبيه إلى نفَى ما وراءه، والفاء فاء السببية أي بسبب هذه الحال يحكم عليهم بأنهم لا يعقلون، وأخرت الفاء عن الهمزة لأن الاستفهام له الصدارة، فهي مؤخرة عن تقديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>