للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ ولا الْقَلائِدَ. . .).

وفى تفصيل التطهر لأداء الصلاة وهي عماد الدين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجوهَكُمْ. . .).

وفى تفصيل عماد الدنيا وهو الشهادة بالقسط في إقامة حقوق الله قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ. . .).

فالمقصود بهذا إشعار المؤمنين بأن إيفاءهم بالعقود جملة وتفصيلا هو من مقتضى الإيمان، وأن نكث العهود والإخلال بما تقتضيه العقود لَا يتفق والإيمان. فالمؤمن حقا يوفِّي بالتزاماته لربه ولنفسه ولغيره. ومن هنا نفهم معنى الحديث: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " (١).

وإن من أوائل الأحكام الشرعية ما أحله الله تعالى، وما أحله سبحانه قيده بقيود، ولذا قال تعالى:

(. . . أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتلَى عَلَيْكمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ. . .) ابتدأ الحكم ببيان الحلال من الأطعمة، لسببين: أولهما - أن العرب كانوا يحرمون في الجاهلية على أنفسهم بعض الحيوان لأوهام ورثوها، لم يأت بها دين، ولم يتصورها عقل، وليس للتحريم سبب يدركه أهل العقول. ثانيهما - أن النص جاء للإباحة مع القيد، فهي حلال بشرط ألا تكون مما يتلى تحريمه، وسيبينه الله تعالى من بعد، والتحريم سببه أحد أمرين: أولهما - ذاتي في ذات الحيوان كالخنزير والميتة، وما يشبه الميتة من التي تردت في منخفض من الأرض فنفقت، أو نطحت فهلكت، والثاني - عرضي بحال معينة كتحريم الصيد، فالنص لإباحة مقيدة مع ذكر القيد بالإشارة إليه ثم بيانه.


(١) متفق عليه، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>