للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣١)

(الْحَسَنَةُ) هي الحال الحسنة التي يستحسنونها، ويستطيعونها، ويرون فيها مسرة لهم، لم يذكروا أنها من عند الله تعالى؛ أفاض بها عليهم من عنده، إنما يحسبون أنها جاءتهم لأنها لهم ويستحقونها وجاءتهم من غير معط؛ ولذا وصفهم الله تعالى بقوله: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ)، أي لنا نستحقها، ولا يتصورون معطيا يستحق الشكر، والطاعة، والرضا بما أعطى، وإذا جاءتهم السيئة، أي الأمر المسيء لهم من تمحط وجدب وطوفان اطيروا بموسى ومن معه أي تشاءموا.

وأصل الطيرة في الاستعمال العربي أنهم كانوا يزعجون الطير، فإذا اتجه إلى اليمين تيمنوا به وسموه السانح، وإذا اتجه إلى الشمال تشاءموا به وقالوا البارح.

ولقد جاء في تفسير القرطبي ما يتعلق بالتطير " وكانوا يتطيرون أيضا بصوت الغراب، ويتأولونه البيْن، وكانوا يستدلون بمجاوبات الطيور بعضها بعضا على أمور وبأصواتها في غير أوقاتها المعهودة على مثل ذلك، وهكذا الظباء إذا مضت سانحة أو بارحة، ويقولون: إذا برحت بالسانح بدل البارح، إلا أن أقوى ما عندهم كان يقع في جميع الطير فسموا الجميع تطيرا من هذا الوجه، وتطير الأعاجم إذا رأوا صبيا يذهب يه إلى المعلم بالغداة، ويتيمنون برؤية صبي يرجع من عند المعلم إلى بيته، ويتشاءمون بروية السَّقاء على ظهره قربة مملوءة مشدودة، ويتيمنون برؤية فارغ السِّقاء (مركبة) مفتوحة ". وهكذا كما جاء في ذلك التفسير، وعلى أي حال التطير في اللغة العربية التشاؤم.

<<  <  ج: ص:  >  >>